محاولات قوات سوريا الديمقراطية في الإدارة المحلية في دير الزور باءت بالفشل

همَّشت هياكلُ قسد الإداريةُ العشائرَ المحلية وفشلت في الابتعاد عن الاعتماد على الميليشيات الكردية.

يتجه مجلس دير الزور المدني، وهو تجربة إدارية لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) في المناطق التي تسيطر عليها في المحافظة، إلى الفشل.

فمنذ عام واحد، كان المجلس يهدف إلى إضفاء الطابع الرسمي على نموذج حُكمِ الأمر الواقع الذي استخدمته قوات سوريا الديمقراطية بقيادة الأكراد بعد استيلائها على معظم مناطق شرق الفرات في دير الزور من داعش. ولكن بدلاً من ذلك، أدى هذا إلى تهميش العشائر التي تُشكل غالبية المجتمعات المحلية، كما أدى اعتماد المجلس على الجماعات العسكرية الكردية إلى جعله غير قادرٍ على انتهاج خطٍّ مستقل.

حضر الاجتماع الافتتاحي في 24 أيلول/ سبتمبر 2017 قادة مدنيون وعشائر وممثلو قسد ومجلس سوريا الديمقراطية (الجناح السياسي لقسد). ويتكون المجلس، بعد تشكيله، من رئيس مشترك ونائبين (إحداهما امرأة) و 12 لجنة فنية لتغطية مجالات الحكم المختلفة، حيث يشكِّل العرب أعضاء المجلس بما يتفق مع التركيبة السكانية لمناطق شرق الفرات في دير الزور.

وكان من بين الأهداف الأولية للمجلس انتخاب قيادة جديدة وتوسيع نطاق التمثيل داخله ليشمل جميع المناطق التي تسيطر عليها قسد، بما في ذلك المكونات العشائرية.

لكن في اجتماع ثانٍ جرى هذا الشهر، بعد سيطرة قوات سوريا الديمقراطية على معظم مناطق شرق الفرات، لم تكن هناك تغييرات كبيرة.

وقد احتفظ المجلس بنفس القيادة، مع تغييرات محدودة على بعض المكاتب واللجان. لم يأخذ المجلس بعين الاعتبار مشاركة المكونات العشائرئية في هذه المناطق، ولا سيما قبائل العكيدات والبكَّارة – العشائر العربية الرئيسية في سوريا ذات الوجود الكبير في مناطق شرق الفرات.

وقد أثار هذا استنكاراً بين المكوِّنات المحلية والعشائرية، وتم توزيع عريضة على مستوى القواعد الشعبية لرفض نتائج اجتماع المجلس ومطالبة الأطراف المسؤولة بإلغاء جميع القرارات. كما زار وفد من القادة المحليين والعشائريين منسق قوات التحالف في منطقة عين عيسى في الرقة أكثر من مرة ليطلب من الائتلاف الضغط على مجلس سوريا الديمقراطية لإعادة هيكلة مجلس دير الزور، إلاَّ أنَّ مطالب المجتمعات المحلية لم تلقَ آذاناً صاغية.

وقد دفع هذا التهميشُ العشائرَ إلى تشكيل لجانها المحلية والمدنية الخاصة، وهي غير متصلة بمجلس دير الزور المدني ومجلس سوريا الديمقراطية، مثلما حدث في مناطق عشيرة الشعيطات وفي مدينة الشحيل، وكذلك في مدن وقرى أخرى.

بالإضافة إلى إهماله للعشائر والبنى الاجتماعية المحلية، فإن اعتماد المجلس الكامل على الجماعات العسكرية الكردية جعله غير قادر على تقديم نفسه كهيئة مستقلة تتمتع بالمصداقية. وبدون أي تمويل لإعادة تنشيط الخدمات الأساسية في مناطق نفوذه، فإن الكثير من السكان المحليين يعتبرونها عديم القيمة.

إن فشل مجلس سوريا الديمقراطية وقسد في التوصل إلى حل مع العشائر فيما يتعلق بمجلس دير الزور المدني، ونقص التمويل، يتعارضان مع صعود اللجان المستقلة المحلية.

فهذه اللجان تعطي الأولوية للمبادرات المدنية، وتشمل أهم مشاريعها إعادة تأهيل المدارس، وإصلاح مشاريع الري وتشغيل محطات مياه الشرب، وغيرها من المبادرات. تستند مصداقية اللجان إلى حقيقة أن أهم مصادر تمويلها هي مساهمات من أشخاص من المحافظة يعيشون الآن في الخارج.

وعلى الرغم من أن بعض اللجان تسعى للوصول إلى المنظمات الدولية للحصول على التمويل، فإن عملها يشرف عليه أشخاص من المنطقة يعملون تطوّعاً. وعلى النقيض من المجلس، فإن الاانتماء العشائري للعاملين في اللجان يُسهِّل التواصل بين اللجان والمجتمعات المحلية لأنهم يفهمون طبيعة هذه المجتمعات وأفضل الطرق للعمل معها.

سيُظهر هذا النهج المحلي نموذجاً أفضل لحكم المنطقة في المستقبل وهو يُبرِزُ حقيقةً مفادها أن شرعية هيئات الحكم المحلي تكون أفضل من خلال ارتباطها الوثيق بالمجتمعات المحلية وليس من خلال المشاريع التي أنشأتها أطراف فاعلة خارجية.