دوافع وأساليب تهريب الأشخاص بين سوريا ولبنان

  • مازن عزّي

    Syrian researcher, Syria Initiative EUI and Editor of the HLP section of The Syria Report

    باحث سوري في مبادرة سوريا ضمن معهد الجامعة الأوروبية ومحرر قسم المساكن والأراضي والمِلكية في موقع سيريا ريبورت.

على الحدود السورية اللبنانية، يعتمد سعر تهريب الأشخاص وطرق تهريبهم على السبب الذي يدفع هؤلاء الأشخاص إلى طلب المساعدة من المهرّبين.

هناك العشرات من المعابر غير القانونية على طول الحدود السورية اللبنانية يعبرها مئات الأشخاص كل يوم على امتداد طرق التهريب المختلفة. وتخضع عمليات تهريب الأشخاص لسيطرة شبكات التهريب المحلية، وتشير البحوث الميدانية التي أجراها برنامج أدلة النزاع العابر للحدود وسياساته واتجاهاته، المعروف اختصاراً باسم (XCEPT)، إلى أن بعض هذه الشبكات مرتبط بأجهزة الأمن والجيش السورية أو بجماعة حزب الله اللبنانية. وتعتمد الأساليب التي يستخدمها المهربون والطرق التي يسلكونها على دوافع الأفراد الذين يجري نقلهم عبر الحدود.

معظم الأشخاص الذين يسعون للتهريب عبر الحدود يفعلون ذلك لأسباب مالية، بما في ذلك السوريون غير القادرين على تأمين تكاليف دخول لبنان قانونياً؛ اللاجئون السوريون في لبنان الذين يخشون خسارة المزايا القليلة التي تمنحهم إياها وضعية اللاجئ؛ وسكان منطقة الحدود اللبنانية الذين يعبرون الحدود يومياً.

وتتركز عمليات تهريب هذه الفئة من الأشخاص في ريف حمص. فالطرق عبر هذه المسالك سهلة، ويستخدم المهربون الحافلات أو السيارات وأحياناً الدراجات النارية لنقل الأشخاص عبر الحدود. وفي عمليات التهريب هذه، غالباً ما يجري تهريب مجموعة من العائلات معاً إلى منطقة محددة داخل الأراضي السورية أو اللبنانية. وتتراوح تكلفة السفر على طرق التهريب هذه بين 100 و150 دولاراً للشخص الواحد، وذلك تبعاً لمكان المغادرة الأول والوجهة المقصودة، في حين تدفع العائلات أسعاراً جماعية مخفّضة. وكثيرا ما تغضُّ قوات الأمن والقوات العسكرية التابعة للنظام السوري وكذلك حزب الله الطرف عن هذا النوع من التهريب ويرضون بالرسوم التي يدفعها لهم المهربون.

كذلك يسعى الناس لتهريبهم عبر الحدود لأسباب أمنية، وتضم هذه الفئة مجموعة واسعة من المعارضين السياسيين لنظام الأسد، ومقاتلي المعارضة المسلحين، والأشخاص المطلوبين في القضايا الجنائية الذين صدرت ضدهم مذكرات بحث من الشرطة، وكذلك الفارّين من الخدمة العسكرية الإلزامية أو الاحتياطية. وتتكون هذه الفئة في معظمها من الرجال الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و50 سنة.

وتتّسمُ طرق التهريب “الأمنية” بكونها أكثر وعورةً، ما يتطلب من أولئك الذين يعبرون الحدود بهذه الطريقة القيام بذلك إما عن طريق المشي أو ركوب الدواب، وكذلك من خلال مرافقة المهربين أو المرشدين لهم. كما أن هذه الطرق أكثر تكلفة وغالباً ما تكلف أكثر من 1000 دولار للشخص الواحد، وترتفع التكلفة تبعاً لعاملين هما درجة أهمية الشخص الذي يجري تهريبه بالنسبة إلى الأجهزة الأمنية والعسكرية للنظام السوري ومكان مغادرته الأول ووجهته.

وأبرز الأمثلة على طرقِ التهريب “الأمنية” الطرقُ المؤدية إلى مدينة شبعا اللبنانية ومدينة طفيل السورية ذهاباً وإياباً. ترتبط شبكات التهريب العاملة على كِلا الطريقين بحزب الله، حيث تنقل الأشخاص من شبعا أو طفيل إلى المناطق الداخلية اللبنانية. وغالباً ما يزداد الطلب على تهريب الأشخاص على طول هذه الطرق مع تهديد قوات النظام السوري بتنفيذ عمليات عسكرية ضد مناطق المصالحة في ريف دمشق ودرعا والقنيطرة. وفي الأشهر الأخيرة، تزامناً مع زيادة احتمال اقتحام قوات النظام لبلديتي كناكر وزاكية في ريف دمشق، وطفس في ريف درعا، لجأ عشرات الأشخاص الذين رفضوا المصالحة أو المطلوبين من قبل النظام إلى القيام بهذه الرحلة.

وهناك طريق ثالث للتهريب هو ‘الخط العسكري ‘، وهو شكل من أشكال تهريب الأشخاص أكثر تكلفة وأقل شيوعاً. وهذا ليس الخط العسكري الذي استخدمته القوات السورية خلال الفترة 1976-2005 من الوصاية السورية على لبنان، ولكنه وصفٌ لطريقة تهريب الأشخاص التي يقوم بها أعضاء حزب الله في سياراتهم من خلال معابر غير قانونية محددة. إذ لا يخضع المسافرون عبر هذه “الخطوط العسكرية” لأي رقابة أمنية من جانب أي طرف على جانبي الحدود، وتتراوح تكلفة عملية التهريب هذه بين بيروت ودمشق ما بين 3000 و10,000 دولار، وغالبية الذين يختارون هذا الطريق هم من الأثرياء أو حاملي الجنسية الأجنبية أو السوريين المقيمين في أوروبا بصفة لاجئين والذين يرغبون في زيارة سوريا دون ختم رسمي، إذ يمكن أن يؤدي ذلك إلى فقدانهم لوضعهم كلاجئين.

وتشيع الاعتقالات أو عمليات الاختطاف في بعض عمليات التهريب، وهي تطال الأشخاص الذين يحاولون التهرُّب من الدفع أو الذين يستخدمون طرق تهريب غير مناسبة لحالاتهم. وتحدث معظم عمليات الاختطاف في حمص، على طرق التهريب الأسهل. وفي هذه الحالات، عادةً ما يبيع المهربون الأشخاص لعصابات الاختطاف التي تتفاوض مع أقاربهم لدفع الفدية. وبعد دفع الفدية، قد تقدم لهم العصابة الخيار إمّا بالعودة إلى سوريا أو بمواصلة عملية التهريب إلى لبنان.

وتختلف الأساليب المستخدمة لتهريب شخص ما بين سوريا ولبنان تبعاً للوضع الأمني للشخص وحالته المادية. وحين يكون الوضع الأمني للشخص أكثر تعقيداً تتغير طريقة التهريب ويزداد السعر. ويبدو أن لدى شبكات التهريب قائمة أسعار موحدة لمختلف أنواع المخاوف الأمنية، من التهم الجنائية إلى الملاحقة من قبل الأجهزة الأمنية والعسكرية. ويبدو أن بالإمكان تهريب أي شخص عبر الحدود إذا دفع السعر المناسب، بصرف النظر عن مدى معارضته للنظام السوري أو حزب الله وبصرف النظر عن الجريمة التي ربما يكون ارتكبها.

كُتِب هذا المقال بدعم من مشروع أدلة النزاع العابر للحدود وسياساته واتجاهاته (XCEPT)، بتمويل من المعونة المقدَّمة من المملكة المتحدة/حكومة المملكة المتحدة. ولا تعكس الآراء المعرب عنها بالضرورة السياسات الرسمية لحكومة المملكة المتحدة.