الملخص
- كثير من المناطق في سوريا لا تخضع لسيطرة فعلية للحكومة ولكن هذه المناطق ليست قائمة من دون حوكمة. ففي الشمال الشرقي، أعلن حزب الاتحاد الديمقراطي عن نيته تشكيل منطقة حكم فيدرالية “روجافا-سوريا الشمالية”. فقد تولى حزب الاتحاد الديمقراطي السيطرة من الحكومة السورية بعد تسليمها له في بعض الحالات أو بعد إنسحابها من المناطق ذات الأكثرية الكردية في حالات أخرى. كما أظهر حزب الاتحاد الديمقراطي البرغماتية والوضوح الإستراتيجي وقد إستفاد من التجارب والتطور المؤسساتي للمنظمة المقربة له، حزب العمال الكردستاني. ويسعى حزب الاتحاد الديمقراطي حالياً لتعزيز قوته ولإضفاء الشرعية على نفسه من خلال توفير الأمن والخدمات والدبلوماسية العامة. ولكن لاتزال شرعيته المحلية مُتنازع عليها.
- توفير الأمن له الفضل الأكبر بدعم سعي حزب الاتحاد الديمقراطي لكسب شرعيته. فقد ظهرت قوات حماية الشعب المنبثقة منه كقوة فعالة في محاربة الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)، وقد أكسبها ذلك الدعم من السكان المحليين وخاصة هؤلاء القريبين من الخطوط الأمامية. وعلى العكس من ذلك في المناطق البعيدة عن الجبهة، يحظى حزب الاتحاد الديمقراطي بدعم أقل في ظل تذمر السكان المحليين من عنفه وتسلطه. أما في المناطق ذات الأغلبية العربية فيقدر كثيرون هزيمة حزب الاتحاد الديمقراطي لداعش، لكن الحزب في هذه المناطق يُنظر اليه بخوف وعدم الثقة بسبب انتهاكاته لحقوق الإنسان ضد المجموعات المعارضة بالإضافة لشك المحليين بروابطه مع النظام. كما ويواصل حزب الاتحاد الديمقراطي قمع أصوات المجتمع المدني و معارضته السياسية.
- تعد قدرة حزب الاتحاد الديمقراطي لتقديم الخدمات فعالة ويوظفها الحزب كآلية لتثبيت حكمه. إن تأمين الخدمات يختلف ضمن أرجاء روجافا: قد نشأت ضمن مناطق العيش المشترك بين حزب الاتحاد الديمقراطي والنظام الكثير من المؤسسات ذات هيكلية موازية للدولة في بعض الأحيان. وفي الوقت نفسه في المناطق التي يتمتع حزب الاتحاد الديمقراطي فيها بقدر أكبر من السيطرة لا تزال السلطة مركزية، على الرغم من مزاعم الحزب بممارسته لسلطة لامركزية على المستوى المحلي. ففي المناطق ذات الغالبية العربية مثل منبج أفاد السكان المحليين أن الممثلين الموالين لحزب الاتحاد الديمقراطي هم فقط من تتاح لهم الفرصة للحكم، مما يؤدي الى تقويض شرعية التنظيمات الجديدة في عيون المجتمع المحلي.
- يستخدم حزب الاتحاد الديمقراطي علاقاته مع شبكات إتصال وتأييد عالمية في إعداد برنامج متطور في الدبلوماسية العامة. ويناشد حزب الاتحاد الديمقراطي الجماهير الدولية من خلال تقديم حربه ضد داعش على أنها معركة بين القيم الليبرالية العالمية والتطرف. ولكن بالنسبة للأكراد يساعد بشكل باطني الخطاب القومي الكردي للحزب في تغذية دعمه. من المرجح على الحزب أن يجد صعوبة أكثر في تحقيق التوازن بين التناقضات الظاهرة في خطابه في حال هُزم داعش ميدانياً.
- يواصل قادة روجافا المشي على حبل مشدود بين المصالح الدولية والإقليمية. لكن استمرار معارضة تركيا للحزب يجعل احتمالية حشد الدعم لتحقيق أهدافه السياسية ضئيلة، مما يأكد على أهمية الشرعية المُستمدة محلياً. يمكن لروجافا تحقيق هذه الشرعية فقط من خلال ضمان تمثيل حقيقي لمكونات مجتمعها المدني من المعارضة والعرب والسريان. الفشل في تجاوز النقاشات القائمة على الاستقرار والأمن قط يبدد بشكل كبير فرص استمرارية بقاء مشروع روجافا وإستدامته.