إزالة الغموض عن الصراع السوري: ملخص حلقة نقاش حول ديناميات المناطق التي يسيطر عليها الثوار

المتحدثون:

  • باسل الجنيدي، منتدى الشرق
  • زينة ارحيّم، محلّلة مستقلة
  • نوار أوليفر، عمران للدراسات الاستراتيجية

في الأول من شهر آذار/ مارس، عقد مشروع "سوريا من الداخل" الذي يستضيفه تشاتام هاوس ضمن برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مؤتمراً عاماً بعنوان "إزالة الغموض عن الصراع السوري"، وكان الهدف من المؤتمر هو تسليط الضوء على أربعة محاور رئيسية أحياناً ما يُبالغ في تبسيطها أو أنها لا تُفهَمُ بالقدر الكافي في النقاش العام.

الموضوع الأول هو الديناميات في المناطق التي يسيطر عليها الثوار، لا سيّما ما يخص العلاقة بين الجماعات المسلحة والسكان المحليين.

إحدى المناطق ذات الأهمية الاستراتيجية التي يسيطر عليها الثوار (وهي منطقة تتعرض حالياً لقصف مكثف من قبل النظام وروسيا) هي منطقة الغوطة الشرقية. وكما أوضح نوار أوليفر، فإن هذا القصف دفع جماعتي الثوار الرئيسيتين في المنطقة، وهما فيلق الرحمن وجيش الإسلام، إلى التعاون مع بعضهما البعض، بعد أن قاتل كل منهما الآخر على الموارد. ويُبدي جيش الإسلام وآخرون استعدادهم لإخلاء المدنيين، لكن النظام لا يسمح بذلك، ولا يترك أمام السكان المحليين أي خيار سوى التعاون مع المقاتلين للدفاع عن أنفسهم.

كذلك فإنّ ثمّة عوامل ظرفية مشابهة في إدلب، أكبر محافظات سوريا التي تقع تحت سيطرة الثوار، حيث تُعد هيئة تحرير الشام (HTS) أبرز المجموعات العسكرية العاملة في المنطقة.

ومع ذلك فإن هيئة تحرير الشام لم تتمكن من ترسيخ جذورها في إدلب، وحسب ما يوضحه باسل الجنيدي، فإن معظم أولئك الذين يقاتلون حالياً مع الهيئة في إدلب هم من النازحين داخلياً، الذين يشكلون 55٪ من سكان المحافظة. وقد وضعت هيئة تحرير الشام نُصبَ أعينها استهداف النازحين أكثر من السكان المحليين في إدلب لأسباب اجتماعية واقتصادية أكثر من كونها إيديولوجية. وكان العديد من هؤلاء النازحين قد فروا من مناطقهم بعد قتالهم لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) في الشرق، لكنهم وجدوا أنفسهم في إدلب معدمين وساخطين، وهو ما استفادت منه هيئة تحرير الشام.

علاوة على ذلك، فإن معظم الذين قاتلوا مع الهيئة كانوا بالفعل مقاتلين قبل الانضمام إليها. بهذا المعنى، يبدو أن قرارهم بالانضمام إليها هو ذو طابع براغماتي أكثر منه إيديولوجي. وعلى عكس المجموعات الأخرى، تمتلك هيئة تحرير الشام التمويل والقوة والمعدات.

وكما أضافت زينة ارحيم فإن البعض الآخر من المقاتلين انضموا إلى هيئة تحرير الشام لأنهم كانوا غير قادرين على كسب رزقهم في مكان آخر ويحتاجون إلى كسب قوتهم لإعالة أٌسرهم. غير أن المجتمع المدني المحلي يلعب دوراً هاماً في مكافحة التطرف، وقد دفعت المقاومة المحلية هيئة تحرير الشام إلى الخروج من بلدات أخرى مثل سراقب والأتارب ومعرة النعمان.

وأضاف الجنيدي أن شبح الانشقاقات الداخلية أيضاً يخيّم على هيئة تحرير الشام. فقد انفصل المقاتلون الذين يتبعون أيمن الظواهري والقاعدة عن أولئك المؤيدين الأساسيين لزعيم هيئة تحرير الشام أبو محمد الجولاني. يندرج بين هؤلاء المؤيدين، الجهاديون الأجانب – غير القادرين على العودة إلى بلدانهم، أو العمل أو التحدث باللغة المحلية – أي الذين لا يجدون أمامهم سبيلاً للعيش سوى القتال، سواء تحت مظلة الهيئة أو سواها. 

كما علَّق الجنيدي على الحملة التي تقودها تركيا ضد الجماعات الكردية في عفرين، قائلاً إن تركيا لم تجهد كثيراً في الحصول على دعم المليشيات المحلية للقتال في عفرين لأن الهجوم الأخير للنظام قرب سراقب أدى إلى شعور سكان إدلب بالتهديد وأصبحوا أكثر استعداداً لقبول الحماية التركية من التقدم المحتمل للنظام. ومع ذلك، فقد بدأ السكان الملحيون في المناطق التي استولت عليها تركيا منذ فترة من الوقت، مثل جرابلس، يدركون أن الحماية ليست بدون ثمن، وذلك مع تولِّي تركيا إدارة المدارس والسلطات المحلية.

يمثل نموذج الحكم التركي في جرابلس أحد النماذج العديدة في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام. وأشار الجنيدي إلى أن التطور المتصاعد في تلك المناطق هو صعود مجالس الأعيان، التي تضم الشخصيات الاجتماعية والدينية والقبلية الرئيسية في القرى (مثل هذا المجلس هو أكثر تطوراً في درعا من إدلب، لأن الأولى لديها طبيعة عشائرية تمتد عبر القرى والمدن). يتخذ هذا المجلس قرارات رئيسية ويوفر شرعية للمجالس المحلية والفصائل العسكرية.

وبالتالي فإن هناك انبعاث للسلطة التقليدية في المناطق التي يسيطر عليها الثوار حيث تكون هذه المجالس مؤثرة. أماّ ارحيّم فقالت إن هذه الدينامية تعارض الجهود المبذولة لإدخال أصوات سياسية جديدة أو أقليات سياسية جديدة على الساحة السياسية، فهذا الرجوع إلى التسلسل الهرمي التقليدي للسلطة يعني أن النساء يتم إقصاءهن إلى الهوامش عندما يتعلق الأمر بالسياسة.  ومع ذلك، فقد بيّنت مقارنة لمشاركة المرأة في سوق العمل قبل الثورة وبعدها أن مشاركتها في إدلب قد زادت، على الرغم من وجود هيئة تحرير الشام فيها. والسبب الرئيسي وراء ذلك هو وجود المجتمع المدني هناك. أما في درعا، فقد وجدت المقارنة عكس ما رأيناه في إدلب، إذ أنه على الرغم من عدم وجود هيئة تحرير الشام في درعا، إلا أنَّ الأردن فرض القيود هناك وبالأخص على المجتمع المدني.

شاهد حلقة النقاش كاملة باللغة الانكليزية >>>>>