تستعد منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لتخفيضات كبيرة في المساعدات والتمويل المستدام في ظل إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب. ولا تؤثر التخفيضات على المساهمات الأميركية فحسب، بل يمكن أن تؤثر أيضاً على المانحين الأوروبيين والآسيويين الديمقراطيين، مثل اليابان، وكذلك المانحين متعددي الأطراف. والسؤال الذي يطرح نفسه هو من أين ستحصل دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على الأموال اللازمة للتحول الأخضر؟ ومن سيعوّض النقص الذي ستخلفه تخفيضات التمويل المستدام من الولايات المتحدة؟
سوف تتجه جميع الأنظار إلى الصين والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة لسد الفجوات. ولكن لا يزال هناك قدر كبير من عدم اليقين يكتنف قدرة هذه الدول على زيادة مساهماتها المالية. ويمكن أن يخفف من وطأة تجميد الولايات المتحدة للمساعدات والتمويل، الذي أُعلن عنه في كانون الثاني/يناير 2025، تحوّلُ الممولين الأوروبيين نحو الاستثمار في القطاعات الخضراء الرئيسية، مثل الطاقة المتجددة.
قد تكون الصينُ المستفيدَ الأول من تخفيض التمويل الأميركي. فمع زيادة الصين لتمويل الاستدامة في المنطقة، إلى جانب الاستثمارات المباشرة في الطاقة المتجددة، من المرجح أن تجني ثماراً كبيرة من ناحية زيادة نفوذها في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
إدارة ترامب تحفز الانخفاض العالمي في التمويل المستدام
تشير البيانات الصادرة عن مورنينغستار إلى حدوث انعكاس عالمي في صناديق الاستدامة في الربع الأول من عام 2025، إذ سُجّلت أكبر تدفقات خارجة على الإطلاق بقيمة 8.6 مليار دولار، مقارنةً مع تدفقات داخلة بقيمة 18.1 مليار دولار خلال الربع الأخير من عام 2024. وسجّلت صناديق الاستدامة في أوروبا أول ربع على الإطلاق من التدفقات الخارجة منذ عام 2018 – فقد سُجّلت تدفقات خارجة بقيمة 1.2 مليار دولار تقريباً في الربع الأول من عام 2025، بالمقارنة مع التدفقات الداخلة البالغة 20.4 مليار دولار في الربع الأخير من عام 2024 – بعد زيادة التدفقات الداخلة إلى الصناديق التقليدية (غير المستدامة
ومن اللافت أنّ انعكاس اتجاه الولايات المتحدة نحو الاستدامة كان جارياً بالفعل في ظل إدارة بايدن. وفي الواقع، كان خروج 6.1 مليار دولار من الصناديق الأميركية في الربع الأول من عام 2025 هو الربع العاشر على التوالي من التدفقات الخارجة.
إن المحرك الرئيسي لانعكاس التمويل هو عداء ترامب للسياسات المتعلقة بالمناخ، وهو ما أدى إلى خلق تأثير الدومينو متسبّباً بتداعياتٍ في جميع أنحاء العالم. فعند تولّيه منصبه في كانون الثاني/يناير 2025، سحب ترامب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس للمناخ، وخفض عقود المساعدات الخارجية للوكالة الأميركية للتنمية الدولية بنسبة 90 في المئة و60 مليار دولار من إجمالي المساعدات الأميركية في جميع أنحاء العالم، واستأنف سياسة الطاقة المرتكزة على الوقود الأحفوري.
وقد أدّت هذه الخطوات إلى زيادة مخاطر الارتباط بالاستدامة والمناخ بالنسبة إلى مديري الصناديق والمستثمرين في جميع أنحاء العالم. كما أنها أدت أيضاً إلى موجة من تغيير العلامات التجارية للمنتجات بعيداً عن المصطلحات المتعلقة بالبيئة والمجتمع والحوكمة (ESG).
كما تتغير الأولويات الاستراتيجية على المستوى الوطني، لا سيما في أوروبا. فمع المخاوف من العودة إلى الحمائية التجارية وتغليب الولايات المتحدة لمصالحها على التحالفات، تكرّس الدول والمؤسسات الأوروبية المزيد من الموارد لتنشيط قدراتها الصناعية وقطاعات الدفاع. ونتيجة لذلك، يمكن أن يتراجع النمو الأخضر والمستدام إلى أسفل جدول أعمال المحركات الاقتصادية ذات الأولوية.
تُفضّل الصناديق البيئية والاجتماعية والاقتصادية الشركاء المستقرّين على الدول الهشة
يوجد في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عدد كبير من الجهات المانحة للتمويل المستدام، إلا أن هناك ندرة في الأموال، إذ تعاني المنطقة من فجوة تمويلية كبيرة بسبب النزاعات وعدم الاستقرار والفقر المدقع. لا سيما في البلدان منخفضة الدخل.
وتُعد الدول الغربية مصدراً رئيسياً للتبرعات الخارجية للمنطقة. وعلى وجه التحديد، فإن الدول الأعضاء في لجنة المساعدة الإنمائية التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية هي أهم المساهمين في الاستدامة، بما في ذلك التمويل المناخي. ومع ذلك، تشير بصمة التمويل الغربي على نطاق واسع إلى أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ليست على رأس أولويات الدول الغربية في مجال المساعدات. وتُظهر بيانات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية من 2017 إلى 2021 لتدفقات التمويل الأخضر إلى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أنّ مؤسسات الاتحاد الأوروبي ساهمت بأكثر من 38 مليار دولار، تليها ألمانيا (29.2 مليار دولار) والولايات المتحدة (28.3 مليار دولار) وفرنسا (11 مليار دولار). وبلغت مساهمة المملكة المتحدة 4.9 مليار دولار.
أمّا على المستوى متعدد الأطراف، فيضطلع البنك الأوروبي للإنشاء والتعمير (EBRD) بدور رئيسي في تمويل التحول الأخضر بمبلغ 33 مليار دولار. وهذا ليس بالأمر المفاجئ، نظراً لقرب الاتحاد الأوروبي من المنطقة وشبكة الشراكات الواسعة التي أقامتها المؤسسات الأوروبية هناك، فضلاً عن ريادة أوروبا العالمية في مجال الاستدامة.
ومع ذلك، لم يستفد سوى عدد قليل من البلدان في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من معظم تدفقات التمويل الغربي في الفترة 2017-2021. فقد تلقت تركيا والأردن والمغرب ومصر والعراق مجتمعةً معظم التمويل المستدام الذي بلغ 74.2 مليار دولار. وهذا الرقم هو تقريباً ضعف المبالغ التي تلقّتها جميع البلدان الأخرى ذات الدخل المنخفض والمتوسط في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مجتمعة خلال الفترة نفسها. ويسلّط هذا التباين الضوء على التحديات التي تواجهها البلدان الفقيرة والمتضررة من النزاعات في الحصول على التمويل من الخارج. وعند تلخيص هذه الديناميات يتبيّن أنّ “المال يجذب المال”، كما يقول أحد الخبراء في تحليل له.
كانت الولايات المتحدة (باستثناء المساعدات العسكرية) أكبر مانح ثنائي غربي للتمويل المستدام للأردن والعراق وليبيا، إذ قدّمت ما يقرب من 7 مليارات دولار و4 مليارات دولار و460 مليون دولار على التوالي. وبلغت تدفقات الأموال التي غلب على تقديمها الاتحاد الأوروبي إلى مصر ولبنان والأرض الفلسطينية المحتلة مجتمعة 12 مليار دولار. وكانت ألمانيا أكبر مصدر تمويل للمغرب وتونس والمبادرات الإقليمية، حيث بلغت قيمة التمويل الذي قدّمته 8.7 مليار دولار.
كما يفضل المانحون الغربيون قطاعات معينة – تلك المرتبطة أكثر بالاستقرار السياسي والانفتاح الاقتصادي. على سبيل المثال، وُجّهت معظم المساعدات الإنسانية، التي استحوذت على الحصة الأكبر من التمويل بمبلغ 38.9 مليار دولار، إلى البلدان التي تحتاج إلى تدابير لتحقيق الاستقرار، والتي تحظى بالأولوية على الانتقال الأخضر، خاصة البلدان المتأثرة بالنزاعات والبلدان الفقيرة. من ناحية أخرى، خُصصت الأموال الموجهة إلى الأسواق المتقدمة نسبياً، لا سيما في البلدان المتوسطة الدخل مثل تركيا ومصر والمغرب، للنهوض بالاستدامة في القطاعات المحركة للنمو، بما في ذلك البنية التحتية الاقتصادية والخدمات (17.9 مليار دولار)، بالإضافة إلى توليد الطاقة ومصادر الطاقة المتجددة (8 مليارات دولار)، مما يعكس التركيز على التخفيف من آثار تغير المناخ، وبدرجة أقل على التكيف. ينشأ التوزيع غير المتكافئ للأموال أيضاً بسبب تخلف الأسواق واللوائح، وانتشار الفساد، والبنية التحتية القديمة، لا سيما شبكات توليد الكهرباء والتوزيع، ونقص البيانات، والأعمال الورقية المكلفة وعملية التدقيق المطولة المطلوبة لطلبات التمويل.
التنويع هدف رئيسي للجهات المانحة
تُعتبر المؤسسات المتعددة الأطراف والأوروبية، بالإضافة إلى الصين ودول الخليج، ذات أهمية خاصة بالنسبة إلى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فهي مصادر التمويل الرئيسية الآن بعد أن سحبت الولايات المتحدة في عهد ترامب دعمها لتمويل الاستدامة والتمويل المناخي.
وتسعى دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى تنويع مصادر التمويل وكذلك نماذج الحوكمة وأجندات التنمية، لا سيما من الشركاء الغربيين التقليديين والصين.
إن مقارنة التمويل المستدام الصيني مع مساهمات أعضاء لجنة المساعدة الإنمائية أمر صعب نظراً لغياب الشفافية في الصين والحاجة إلى الاعتماد على مصادر ثانوية للبيانات. ومع ذلك، فإن البيانات المتاحة من بيانات المعونة ترسم صورة متناقضة لنموذجين مختلفين. على عكس أعضاء لجنة المساعدة الإنمائية، تركز الصين أكثر على الربحية في إطار “الربح للجميع” في إطار مبادرة الحزام والطريق بدلاً من العلاقة بين المتلقّي والمانح.
فوفقاً لبيانات المعونة، في الفترة من 2017 إلى 2021، تلقّت مصر وإيران والعراق وتركيا مجتمعةً 13.1 مليار دولار – وهو أكبر قدر من التمويل الصيني المستدام في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وإجمالاً، قدّمت الصين 14.3 مليار دولار أميركي لتمويل الاستدامة في المنطقة. وعلاوةً على ذلك، ساهمت الصين بمساعدات لأغراض فنية وإنسانية وطبية مختلفة، لا تتوافر قيمتها. وقد لوحظ ارتفاع في هذا النوع من المساعدات، لا سيما منذ جائحة كوفيد-19. وتركزت بشكل خاص في موريتانيا والسودان والأردن وتونس والأراضي الفلسطينية المحتلة واليمن.
وبخلاف البلدان ذات الدخل المنخفض، ركزت الصين على العائد المالي. فقد قدّمت قروضاً بقيمة 13.4 مليار دولار أميركي، وهو ما يمثل 93.6 في المئة من إجمالي تمويلها المستدام. وثمة تباين واضح في القطاعات التي تحظى باهتمام المانحين والمستثمرين الصينيين، مقارنة بنظرائهم الغربيين. فقد ركزت الصين على القطاعات المحفزة للنمو، مثل البنية التحتية التي تضمن عوائد للمستثمرين الصينيين والداعمين الماليين. واجتذب قطاع الطاقة معظم التمويل، مستحوذاً على 32.1% (4.6 مليار دولار أميركي) من إجمالي التمويل الصيني. وقد حصل قطاع الصناعة والتعدين والبناء على ثاني أكبر مبلغ بقيمة 3.5 مليار دولار، يليه قطاع النقل والتخزين بقيمة 1.7 مليار دولار. ويعكس هذا الاتجاه الملحوظ كيفية انبثاق الأولويات من نماذج التنمية المختلفة، فالممولون الصينيون يعطون الأولوية للبنية التحتية الملموسة والمبادرات المدرّة للدخل، بينما يركز الممولون الغربيون على التدخلات المتعلقة ببناء القدرات وتعزيز القيم الليبرالية.
ويشير تنوع الخيارات المختلفة إلى أن إشراك المزيد من الجهات المانحة يمكن أن يوفر المزيد من فرص التمويل لبلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ويمكن أن يوسع نطاق القطاعات المشمولة – حتى لو انخفضت مبالغ التمويل مقارنة باحتياجات المنطقة. ومع ذلك، لا يمكن قول الشيء نفسه بالنسبة إلى البلدان الهشة. فهذه البلدان هي الأكثر تضرراً من آثار تغير المناخ، ومع ذلك يبدو أن جميع الجهات الفاعلة في مجال التمويل تبدي اهتماماً أقل في المشاركة العميقة في هذه الأسواق بسبب ارتفاع المخاطر.
وهذا هو المجال الذي تنهض فيه بنوك التنمية متعددة الأطراف والإقليمية بدورها. فقد قدّم البنك الدولي ووكالات الأمم المتحدة والبنك الأوروبي للإنشاء والتعمير ما يقرب من 72 في المئة من إجمالي التمويل متعدد الأطراف للمنطقة بين عامي 2017 و2021. كما تُعدّ بنوك التنمية الإقليمية، مثل الصندوق العربي (25.6 مليار دولار)، وبنك التنمية الأفريقي (23.9 مليار دولار)، والبنك الإسلامي للتنمية (11.6 مليار دولار) من المصادر الرئيسية للتمويل في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وكذلك البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية الذي تقوده الصين (3.3 مليار دولار). وتُظهر البيانات أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تعتمد بشكل مفرط على مصادر التمويل متعدد الأطراف، التي من دونها ستتراجع بشكل كبير في سعيها نحو الاستدامة.
المزيد من التمويل المناخي من الصين يعني المزيد من التأثير
من غير المرجح أن تسدّ الصين الفجوات التمويلية التي خلّفتها إدارة ترامب، نظراً لاختلاف نماذج التمويل والأولويات والقيم والقطاعات والأهداف اختلافاً جذرياً، فضلاً عن محدودية خبرة المصرفيين والمستثمرين الصينيين في المنطقة. فعلى سبيل المثال، من غير المتوقع أن تتحول الصين من نموذج التمويل الموجه للقروض إلى نموذج يهدف إلى تخفيف عبء الديون على البلدان المتلقية. ومع ذلك، ستسرّع الصين من تحولها في مجال التصنيع إلى بعض دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (خاصة مصر والمغرب) كاستراتيجية طويلة الأجل لإنشاء قواعد ثانوية لإعادة التصدير إلى الخارج. ومن المرجح أن تركز غالبية صفقات التصنيع على تكنولوجيا الطاقة.
والأهم من ذلك، تُظهر البيانات أنّ الصين تكثف جهودها في تمويل الاستدامة في المنطقة. غير أنّ التفصيل الشامل لاستثمارات الصين في مجال الطاقة المتجددة يتجاوز نطاق هذه المقالة. وإذا ما جرى تضمينها، فإنها ستكشف عن أنّ الصين تتقدم على الغرب. وعلى المدى الطويل، يمكن ترجمة ذلك إلى نفوذ جيوسياسي صيني أكبر، مما قد يهدد المصالح الغربية.
كيف يمكن للاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة المساعدة في سدّ الفجوة التمويلية
يمكن أيضاً التخفيف من وطأة سحب الولايات المتحدة للمساعدات والتمويل من خلال زيادة الاستثمارات الأوروبية. فأوروبا تزيد من مساهماتها لبلدان مثل مصر والأردن، حيث خصصت أكثر من 5 مليارات دولار لكلا البلدين في نيسان/أبريل 2025. كما خصص الاتحاد الأوروبي حوالي 700 مليار دولار لتونس بين عامي 2021 و2024 من خلال أداة الجوار والتنمية والتعاون الدولي – أوروبا العالمية. ومع ذلك، في حين أن معظم المبادرات الغربية تستهدف المساعدات الإنسانية، فإن هدفها النهائي هو منع الهجرة غير الشرعية نحو أوروبا، وليس مكافحة تداعيات تغير المناخ.
بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع أن يزيد المموّلون الغربيون من التركيز على الاستثمارات في القطاعات الخضراء الرئيسية، مثل الطاقة المتجددة. على سبيل المثال، وقّع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون صفقة بقيمة 7.9 مليار دولار لبناء مصنع هيدروجين أخضر في مصر سينتج مليون طن من الأمونيا الخضراء سنوياً. وذلك لأن التمويل المباشر القائم على الاستثمار المباشر يتماشى مع أهداف الاستدامة لكلا الطرفين على المدى البعيد.
ويجعل مثل هذا النهج نموذجَ تمويل الاتحاد الأوروبي وغيره من الجهات الغربية المانحة الغربية أكثر انسجاماً مع نموذج التمويل الذي يتبعه الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي: فهو نموذج مدفوع بالربح وغير مسيس وأكثر توافقاً مع الأولويات الوطنية لدول الاتحاد الأوروبي.
ومع ذلك، يتعيّن على الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة وحلفائهما أن يذهبوا إلى أبعد من ذلك. ذلك أنّ التبنّي السريع للإصلاحات التنظيمية يمكن أن يمنح مديري صناديق التحوط والمستثمرين المزيد من الضمانات والحوافز لزيادة تدفقات الأموال المتعلقة بالبيئة والمجتمع والحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية، ويمكن أن يساعد في سد فجوة التمويل.
كما ينبغي لهم أيضاً زيادة مساهماتهم في التمويل المستدام للبلدان الضعيفة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من خلال مبادرات موجهة لأهداف محددة، إمّا من خلال صفقات ثنائية أو من خلال البنك الدولي ووكالات الأمم المتحدة المعنية بالمناخ. وهذا سيتطلب منهم زيادة مساهماتهم في التعاون متعدد الأطراف في مجال الاستدامة لدعم المشاريع الجارية وتشجيع المشاريع الجديدة. وينبغي أن يكون التركيز على البلدان الأقل نمواً في المنطقة، مع اعتماد سياسات تأمينية تعالج المخاطر التي يتعرض لها المستثمرون وآليات مكافحة الفساد كأساس لتوزيعٍ أكثر عدلاً للأموال المستدامة في المنطقة.
وأخيراً، ينبغي لأوروبا والمملكة المتحدة العمل مع الجهات الفاعلة الأخرى في المنطقة، لا سيما الصين ودول مجلس التعاون الخليجي، في المشاريع المستقبلية من خلال التمويل المشترك والشراكات وصفقات الدمج والاستحواذ والمساعدة الفنية المشتركة واتفاقيات مبادلة الديون وأدوات الدين الميسّرة لصالح دول المنطقة.
هذا المقال هو جزء من سلسلة مقالات تستكشف مبادرات التمويل الأخضر للصين ودول مجلس التعاون الخليجي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. على غرار مقالاتنا عن الصين ودول مجلس التعاون الخليجي ومصر، يحلل هذا المقال المساهمات الصينية والغربية في التمويل المستدام في دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ذات الدخل المنخفض والمتوسط، مع تحديد العقبات التي قد تواجه الجهات المانحة الغربية (لجنة المساعدة الإنمائية) بعد تجميد إدارة ترامب للصناديق المستدامة والخضراء. ويستخدم التحليل بيانات من عام 2017 إلى عام 2021، باستثناء الحالات التي لا تتوافر فيها البيانات بسبب انخفاض الشفافية أو عدم وجود مشاريع.